Monday, January 21, 2008

أسد و نملة - قصة من وحى الطفلة




فى زمن يشبه كل الأزمنة و فى مكان يشبه جميع الأماكن و فى حياة تشبه هذه الحياة كانت مملكة النمل تكد من أجل الحياة . تبنى بيوتاً فى شقوق متفرعة . تبحث عن مؤونة الشتاء طوال صيف قائظ .
و كانت مملكة الأسود . تعمل حينما يتعب الأخرون . ملوكاً خلقوا لمملكة قد لا يستحقوها .
كان هناك أسداً يهوى جمع النمل . فى شقوق زجاجية يجمعها . يمضى ساعاته فى مشاهدة النملات العاجزات عن الهروب . يضيف فى كل يوم جديد نملة جديدة لمجموعته . كان ملكاً على مملكة زجاجية . كان ملكاً على نمل عاجز .
كان البقاء دائماً للأقوى . من عاش من النمل طليقاً أمضى وقته كاداً فى قيظ الصيف شاكراً الحرية . و من سيق من النملات للمملكة الزجاجية عاش يحلم بيوم يعود لظلام الكهف . عاش يدعو ليوم يعود لأمن المجموعة . عاش على أمل أن يكسر ملكه المملكة الزجاجية و يحرره من سجنه الأبدى .
حتى كان اليوم الذى دخلت فيه نملة صغيرة أبواب المملكة الزجاجية . وقعت النملة فى شرك مليكها المهوس . تبعت أضوائه و وعوده . تبعت حلماً بصيف دائم دون شتاء ، تبعت وعداً بغذاء وافر دون شقاء . تبعت وهماً بأن حياة أخرى و زمن أخر موجودون فى مكان ما خلف حوائطه الزجاجية .
وقعت نملة فى شرك الأسد و ما أدراكم ما شرك الأسد . سجن أبدى و لعنة مزمنة و طرق مسدودة تفضى بعض لبعض .
لم تيأس، عاشت وهمه ، تاهات فى متاهته الزجاجية ، لعبت ، ضحكت ، حتى ملت . نظرت تبحث عن وعد مزعوم . وجدت لا شئ . حاولت عبثاً أن تجد المخرج . لكنها لم تجده . فكان اليوم الذى قررت النملة التمرد على مليكها و سجنه الزجاجى. و لكن كيف عساها و مليكها داهية ماكر . كيف عساها أن تخدع من خدع مئات بحلم زائف . و كيف الطريق لدحر الوحش الهائل . كان كبيرالحجم ، عظيم الحيلة . و كانت هى نملة صغيرة . فكيف و نحن فى زمن يشبه كل الأزمنة و فى مكان يشبه جميع الأماكن و فى حياة تشبه هذه الحياة . كيف لنملة صغيرة أن تتغلب على الوحش الهائل .
كان قرار النملة بالخطوة الأولى . خطوة تجاه مليكها الهائل . خطوة يملئوها الخوف كما يملؤها الأمل . و تبعت الخطوة بأخرى و أخرى . و لم تلحظها عينى الظالم . أعماه غروره أن ينظر لخطوات نملة صغيرة . وقفت مذهولة بين قدميه . قالت يا ملكى أين الحلم الموعود . كانت أضئل من أن يسمعها . كانت أصغر من أن يجفل عن عالمه ليراها . تبعت خوطواتها خطوة أخرى . و أخرى حتى وقفت فوق رأس الملك الخادع . قالت يا ملكى ألا تسمعنى . لكن أعماه غروره عن أن يسمعها . فتبعت خطواتها خطوات أخرى حتى أستقرت داخل أذنيه . صرخت ألا يا مليكى هل تنظرنى . و لكن الملك المغرور كان فى ملكه مشغولاً لا يأبه صرخات النملة . فأخذت تقرصه داخل أذنيه عل الحيلة تفلح . صرخ الملك ما هذا و لكن لم يعنى بمن سبب هذا الألم .
كان الملك الخادع يرقص على نغم قرصات النملة الصغيرة . يقفز يصرخ متألماً يملئ أرجاء الوادى نواحاً . أغيثونى رأسى يقتلنى . و تظل النملة تصرخ أيا مليكى تسمعنى . إسمعنى يذهب ألمك و لكن غروره أبى أن يسمع صرخات النملة .
رقص الأسد من ألم اللسعات طويلاً ، قفز الوادى ذهاباً و إياباً عله يجد المخرج من ألمه . أرشده غروره أن الحل قد يوجد على قمة الجبل الشاهق . جبل معرف بخطورته و لكنه المليك القاهر . قفز الأسد المغرور إلى الجبل . تسكره ألام اللسعات .
يقفز كفأر مجنون يهرب من قط صائد .
وقف الأسد على القمة حائر . ماذا يفعل و الآن و هم على قمة العالم ألماً . سكن الأسد لبرهة . فقالت النملة يا مليكى هل تسمعنى . و لأول مرة يسمعها . قال من أنت . قالت أنا أصغر نملاتك حجماً . أنا أقل نملاتك شئناً . أنا من تبعت وهمك . أنا من عبدت حلمك . أنا من أعماك غرورك أن تسمعنى . قال و ماذا تفعلين يا نملتى . لماذا تركت مملكتك الزجاجية . الآن قد أثرت حفيظتى . أتعصانى نملة ضئيلة . قالت يا مليكى أنا من جعلتك تجوب الوادى ألماً . أنا من قفز بك إلى قمة هذا الجبل . أنا من هز عرش غرورك . قال ويحك . لم يخلق من يهز عرش الملك الأسد . قالت إثبتلى .
دخلت النملة تحدى مع الملك المغرور . ضئيلة ، ضعيفة و غير ذات حيلة و لكنها تبعت خطواتها خطوة . وقف النملة بين عيني مليكها متحدية . قالت أنا من جئت بك إلى حيث لم يأت أحداً قبلك . أنا من هز عروشك . و قتل غرورك .
قال الملك المغرور . تالله لأقتلنك جزاء جرئتك . و فى قفزة سريعة قفزت النملة تتبعها مخالب مليكها الغادر . الذى نسى فى غمرة دفاعه عن غروره أنه يقف على قمة الجبل الشاهق . فى لحظة خاطفة . قفزت النملة و إختل توازن الملك . لم يسمعها تبكيه . لم يسمعها تناديه . كل ما سمعه دوى صرخاه فى جنبات الوادى .
فى زمن يشبه كل الأزمنة و فى مكان يشبه جميع الأماكن و فى حياة تشبه هذه الحياة البقاء دائماً للأصلح ، البقاء دائماً للأكثر صبراً .
فى زمن يشبه كل الأزمنة و فى مكان يشبه جميع الأماكن و فى حياة تشبه هذه الحياة تبكى النملة حلم ضائع و زوال مليك خادع .
فى زمن يشبه كل الأزمنة و فى مكان يشبه جميع الأماكن و فى حياة تشبه هذه الحياة ستبقى النملة و يموت كل يوم مليك جديد .

No comments: