Wednesday, February 5, 2014

حرب الكارينا






تكمن المشكلة الحقيقية في إن كل ما أريد قوله قد قيل من قبل ، لكن لسبب ما لا يبدو أن هناك من يسمع . يدمن المصريون الحكي في المحكي و يحاولون بإستماتة إعادة إختراع العجلة . 


جميعنا يعلم أن العجلة ، عجلة ، لذلك مدورة . لكن المصري معروف بجبروته ! 

يناقش المصريون جدوى تدوير العجلة . يقترح البعض أن تكون مثلثة في حين يصر البعض أن المربع يليق بها أكثر . أما من يصرخ بأن العجلة مدورة ، فهو بيدن في مالطا .


و من الأمثلة المفضلة لهذا النوع من النقاش " حرية المرأة " . لسبب ما ، مازال حق المرأة في الحياة مثار جدال .
قد يكون السبب هو الصدام الناتج من إنفتاح الأفراد على العالم في مقابل جمود الموروثات من دين و تقاليد و قد يكون غيره . لكن بغض النظر عن الأسباب يبدو أن الوطن يمر كما تمر الأشخاص بأزمة هوية ممزوجة بأزمة وجودية . و قرر الجميع ، بقصد أو دون قصد ، أن حرب الوجود و الهوية تكون على المرأة ربما لإنها الحلقة الأضعف ، أو الثغرة الأوضح ، أو ببساطة لإنها أصل الأشياء . المرأة هي الأم و الأمهات يقررن مسار الأمم . 


يناقش الوطن بديهيات كان قد تجاوزها كما يناقش محذورات لم يكن من المسموح الكلام عنها من قبل . 

حق المرأة في العمل و التعليم و الزواج و الطلاق وحتى حق المرأة في المتعة الجنسية  . تنوعيات على حق المرأة في تقرير مصيرها . و يقع المجتمع في فخ التعارض بين ما هو بديهي و ما هو متوارث . 


من البديهي أن يقرر الإنسان مصيره . لكنه من المتوارث ألا تقرر المرأة مصيرها . يؤيد المتوارث نصوص دينية . و تظهر قضايا تفسير القوامة . و علاقة القوامة بالتبعية . 

يمر الوطن بأزمة تعريفات . و تدور رحى الحرب على المرأة . 


ومن ضمن حروب البديهي و المتوارث حرب حق المرأة في إرتداء ما تريد . يمكن تتبع المشكلة من هدى شعراوي أول من خلعت الحبرة و اليشمك . إلى الحرب البادي الكارينا في مطلع القرن الواحد وعشرين . 

تحدت هدى شعراوي مجتمعها ، تخلصت من قيودها الممثلة في الحجاب . واكب ظهور هدى شعراوي و من تلاها موجة من تحديث المجتمع المصري . تخلص المصريون من ميراث العثمانين .  خرجت النساء للعلم و العمل . لكن ظل " التحرر " محصورا في الطبقات الأعلى من المجتمع . تطور المجتمع و إنفتحت بعض طبقاته الأدنى مع الحرب العالمية الثانية ، ثم أتت ثورة يوليو ١٩٥٢ بمشروع لتحديث الطبقات الأدنى من المجتمع . 

و أصبح الشعار " من بعد طاقية و جلبية نورت يا أفندي الأفنية "

كانت يوليو تجيب أسئلة هوية و وجود . فمصر مصرية يحكمها مصريون . لكن مصر الحديثة لا يجب أن تحتفظ بالجلباب و الحجاب . 

كانت النساء في مصر الحديثة مواكبات لما ترتديه نساء أوروبا . كانت الملابس علامة من علامات المدنية و الحداثة . 

ثم أتى الإنفتاح ، وموجة الهجرة للخليج ، وحرب أمريكا السرية على الإتحاد السوفيتي في أفغانستان . كانت أمريكا تبحث عن " مجاهدين " . و لإقناع الشباب بالجهاد كان يجب نشر نمط فكر معين . و مع نمط الفكر جاء الحجاب . ووجد أرضية خصبة لدى الطبقات الصاعدة أعلى السلم الإجتماعي مع الإنفتاح و المهاجرون إلى الخليج حيث لم توجد هدى شعراوي وحيث المنهج الوهابي له جمهور عريض . 

عاد الحجاب و لم يصبح معاد لمظاهر المدنية ، إفتراضا ، بل أصبح مظهر من مظاهر " الإحترام " . 

لكن لإن حرب الملابس محورها إمرأة ظهرت مشكلة جديدة . 

بإمكانك أن تقنع إمرأة أن الحجاب طريقها إلى الجنة ، بإمكانك أن ترهبها بنبذ المجتمع لغير المحجبة . بإمكانك الكثير إلا إنه ليس بإمكانك أن تغير فطرة المرأة على التزين . 

زينة المرأة فاتحة بيوت كثير . و لإن المرأة ليست رجلا فالموضة ركن أساسي في حياتها . 

و كان على المرأة المصرية ، العائدة من حرية " سفور " هدى شعراوي ، لقيد حجاب القرن الواحد وعشرين إبتكار  حلولها لتبدو جميلة . 


لن ترتدي فتاة عصرية جلباب إرتدته فلاحة في أوائل القرن الماضي حتى يكون حجاب friendly 
لن ترتدي فتاة عصرية ما ارتدته جدتها في أواخر عمرها بعد عودتها من الحج حتى ترضي trend الحجاب المتصاعد . 

قررت الفتيات المصريات الموائمة ، إرضاء الرب و المجتمع بالحجاب و إشباع رغبة دفينة في التزين . و لإن الحاجة أم الإختراع ظهر البادي الكارينا . 

البادي الكارينا هو top مطاط بألوان مختلفة ، تستخدمه البنات لملئ الفراغات في الملابس المفتوحة . 

كان الغرض من الموائمة إرضاء كافة الأطراف ، الرب و المجتمع و الذات . 

لكن لا تأتي الرياح بما يشتهي السفن . 


أثارت الموائمة إستياء جميع الأطراف . ففي فيديو شهير قام أحد الدعاة بنقد الحجاب الموضة . قام الدعاية بإلباس مانيكانات موضات الحجاب المختلفة وأخذ يشير لما يظنه لا يرضي الرب و من ثم لا يرضي المجتمع   ، إشتهر الفيديو بين مجموعات من الجمهور المقصود بفيديو " دليل المتحرش " .

مثل فيديو الداعية حالة غضب الرب ، و المجتمع . تنتشر التعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي " ده حجاب ده ؟! " 

الشئ البديهي هو حرية الفتاة في إرتداء ما تحب  . جرى العرف على إننا بنلبس اللي يعجب الناس ، لإن المظهر مهم . نوائم ما يعجب الناس مع ما يرضي الرب أحيانًا . 

قرر المجتمع إن الحشمة واجبة للإحترام و قرر الرب إن الحجاب ضرورة للجنة . 

أنا أقرر بقى مدى رغبتي في الإلتزام بقواعد المجتمع و الرب . تلك بديهية . ولكن لأننا في هذا الجزء من العالم نريد إعادة إختراع العجلة ، فأصبح قراري في موائمة ما أظنه مظهرا جيدا مع ما يرضي الرب و معايير الحشمة المتوقعة حقاً أصيلا لناس عندها مشكلة هوية و لا تدري يقينا لماذا ألقى بها القدر أو الحظ ( كل حسب كلاكيعه ) على ظهر كوكب الأرض . 


من حق كل إنسان تقرير مصيره ، من حق كل بنت تلبس اللي شايفاه مناسب ، حقك يتوقف عند جملة واحدة ( الله ذوقك حلو ) و لو مش هتقول نقطنا بسكاتك . 

تعليقات من نوع ألوانه وحشة ، في بدائل أشيك كلها تعليقات مقبولة في إطار مناقشة فن الأزياء .

أما إن ده مش حجاب و إقلعيه أحسن ، أو مش لابسة حجاب ليه .. إلخ دي محاولات لإعادة إختراع العجلة ..


العجلة يا عزيزي مدورة  مهما حاولت ، يعني من الأخر مالكش فيه ! 




2 comments:

Unknown said...

الحجاب او الزي المحتشم يضع عبء تغاضي التحرش علي المرأه ، و لكنها كره التلج، فما هو الزي المحتشم الذي لا يثير الشهوات خاصه و ان الأنجذاب الجنسي متشكل و متطور داءما؟ عفوا لسوء اللغة.

Anonymous said...

انا بحترم حرية البنت جدا فى اى لبس ممكن تلبسه حتى لو مشيت بمايوه فى الشارع ده حفها مادام متعرضتش لحرية الاخرين بس اللى بستغربله و بعترض عليه هو اذا كان الهدف من الحجاب فى الاصل هو الالتزام بمدأ دينى و تجنبا للفتنة لية يتلبس معاه لبس ملفت او قصير او ضيق او شفاف طب ماكان من الاولى انها تقلع الحجاب
و تبقى براحتها و تلبس اللى هى عايزاه برضه يعنى هل هى مقتنعة بأن الشعر مثير للفتن و باقى جسمها لأ و هل البنى الادم المريض اللى ماشى يبص عليها هيركز مع شعرها و هيبسيب باقى تفاصيلها ؟!